July 04, 2003

بعد نهاية كابوس صدام ..

الكويتيون منشغلون بهموم البناء وتعزيز الحريات الاجتماعية عشية ذهابهم إلى صناديق الاقتراع
الكويت: علي نوري زاده
«لقد زال الكابوس، تعالوا كي نعيش ككويتين بلاخوف على مستقبل اولادنا». هذا الشعار، كان مرفوعاً بشكل او آخر في جميع الدوائر الانتخابية في الكويت حيث ستجري انتخابات مجلس الامة غداً. وقد فوجئت عند لقائي بالسيدة بثنية القلاف مديرة ادارة شؤون المكاتب الاعلامية بوزارة الاعلام، بعدم توجيه سؤال «كانت توجهه لي كلما قابلتها طيلة سنوات «العذاب» الذي عاشته الكويت في ظل الاحتلال ومن ثم سنوات الخوف من تكرار عدوان الطاغية صدام حسين ضد الكويت. «ما الجديد عن صدام؟ هل تعرف شيئاً عما يخطط له؟».

وكان ردي الدائم على سؤالها هو، ان الطاغية يقترب من نهايته، والكابوس سوف يزول».
هذه المرة لم تسألني السيدة القلاف عن صدام بل بدت غير مهتمة الى حد ما بما يجري في العراق. ورغم وجود الاميركيين والبريطانيين . بوجهيه العسكري والامني في الكويت باعتبارها رأس جسر التموين والامداد الى العراق. فان الحالة التي يعيشها الشارع الكويتي هذه الايام، لا تبلغك بوجود اي اهتمام لا بالوجود العسكري الاميركي والبريطاني ولا بالاثار الناجمة على مجتمع مثل المجتمع الكويتي. والسبب بسيط جداً، كما شرحت لي كاتبة كويتية لم ترغب في ان اذكر اسمها، «حقوق المرأة والديموقراطية والمجتمع المدني والصحافة الحرة والعدالة الاجتماعية كانت رهينة كابوس اسمه صدام حسين».
ومما لا شك فيه ان الديموقراطية الكويتية بلونها الخاص لم تكن اسيرة قيود فرضتها حالة الخوف التي عاشها المجتمع الكويتي منذ دخول الجيش العراقي الكويت فحسب، بل ان الثورة الايرانية بخطابها الراديكالي غيرت اطراف معادلة الديموقراطية الكويتية لا سيما خلال حرب الثماني سنوات بين ايران والعراق. والان لم يعد الكابوس بوجهيه الثوري الايراني والبعثي الصدامي يطارد المرشح والناخب في آن معاً مما يفسح المجال لهموم من نوع آخر تشغل بال الكويتيين.
في لقاء ودي بعيد عن المجاملات مع الدكتور عيسى الشملان والدكتورة مريم الكندري استاذة وباحثة معروفة الى جانب انشطتها في مجال حقوق المرأة تحدثت الدكتورة الكندري عن انعكاسات الثورة الاسلامية الايرانية على المجتمع الكويتي بشكل عام والمرأة الكويتية بوجه خاص. وقالت بانها فوجئت لدى عودتها عقب غياب دام عدة سنوات كانت تدرس خلالها خارج الكويت، بمشاهدة مجتمع محافظ وبعيد عن المجتمع المتفتح الذي عاشت سنوات دراستها الابتدائية والمتوسطة فيه، «ذلك المجتمع الذي لم يكن جلوس طالبة الى جانب زميلها الطالب عيباً ولا ذنباً».
وبالنظر الى ان الظروف والعوامل الخارجية، من الخطاب الثوري الموجه من ايران الى الخطاب البعثي الموجه من العراق فضلاً عن خطب راديكالية اسلامية تارة وقومية تارة اخرى آتية من فلسطين والجزائر وافغانستان. فان البحث عن الديموقراطية وسبل تطويرها، لم يكن وارداً في قائمة اهتمامات المواطن. الذي لم يكن واثقاً من ان غده سيكون افضل من يومه.
وزائر الكويت هذه الايام خاصة ان كان ايرانيا مثلي، يدرك جيدا لماذا يتسم موقف النخب المثقفة ورجال السياسية بالكويت حيال الرئيس الايراني محمد خاتمي، بالاعجاب والتقدير.
وقال لي كاتب كويتي صديق منذ ان كنا نعمل بصحيفة صوت الكويت، لقد ازال فوز خاتمي قبل ست سنوات ما كان لا يزال باقيا خلف عقولنا عن الكابوس الثوري الايراني، واول اتفاقية للتعاون الامني بين ايران والكويت، عقدت في عهده اليس هذا سبباً كي لا نفكر بعد الان، حتى بوجود سليمان ابو غيث في ايران، بما كان يسمى الخطر الايراني؟
لقد تم حل مجلس الامة الكويتي في الثمانينات لاسباب منها داخلية ومنها خارجية ذات العلاقة بالكابوس الثوري الايراني بحيث شهدت الكويت في تلك الفترة محاولات عدة لقلب الامور وانهاء الحياة الديموقراطية. وعاشت الكويت بعد ذلك معركتها المصيرية بانطلاق العدوان العراقي واحتلال الكويت.
الفريق علي المؤمن رئيس اركان الجيش الكويتي السابق، الذي يرأس الان لجنة المساعدات الانسانية الى العراق. ربما كان افضل شخص ليحدثك عن الحالة التي تعيشها الكويت هذه الايام. لقد خاض المؤمن معارك عديدة خلال فترة مسؤوليته العسكرية الكبرى، وكان شاهداً على احتلال وطنه ومن ثم رائداً في معركة تحريره، واشرف على عملية اعادة بناء الجيش، وعاش كغيره من الكويتيين كابوس صدام حسين. وهو يعتز اليوم بعمله الانساني. وكل يوم يرسل الجنرال مئات الاطنان من المساعدات الغذائية والطبية وشاحنات المياه الى العراق لمساعدة الشعب الذي لم يعد هو، ايضاً ،اسيرا لكابوس صدام حسين. لسنوات عدة كان الجنرال علي المؤمن يدرس ويخطط مع ضباطه لمواجهة عدوان جديد محتمل من قبل «الطاغية»، اما الان، فانه والعديد من ضباطه السابقين، يدرسون ويخططون سبل ايصال المساعدات الانسانية الى الشعب العراقي بسرعة اكبر وبحجم اكثر.
هكذا تحررت الكويت من عقدتين كانتا تلقيان بظلالهما طيلة الربع القرن الاخير على شيء اسمه ديموقراطية الكويت.
وغدا السبت سيتوجه الناخبون الكويتيون الى صناديق الاقتراع، لاختيار ممثليهم لمرحلة ما بعد الكابوس.



۴/۷/۲۰۰۳




All Rights Reserved © كل الحقوق محفوظة

July 4, 2003 02:10 PM






advertise at nourizadeh . com