February 20, 2004

خريطة القوى السياسية في إيران

لندن-علي رضا نوري زاده
ما بين المؤتمر الخامس والمؤتمر الاستثنائي السادس، الذي قررت خلاله جبهة المشاركة اكبر تنظيم سياسي اصلاحي في ايران الانسحاب من الانتخابات، عقد اركان الجبهة لقاء سريا مع الرئيس محمد خاتمي بحضور بعض اعضاء مجلس الوزراء ومستشاري الرئيس، وحسب عضو بارز في الجبهة، فان خاتمي بدا طول اللقاء حزينا وصامتا بحيث لم يقل كثيرا سوى ما افاد به في نهاية الاجتماع وردا على سؤال طرحه شقيقه الدكتور محمد رضا خاتمي امين عام الجبهة حول ما اذا كان يعتقد بضرورة استقالة اعضاء الحكومة، فرد خاتمي «سنجري نحن وانتم الانتخابات حتى لا يحصل تزوير من قبل الاقلية المسيطرة على الامور، ومن ثم نترك الحكم بكامله لهم».

* الجبهة المناهضة للاصلاحات

* قبل الانتخابات الرئاسية عام 1997، لم تكن كلمات مثل الاصلاحيين والمحافظين واردة في قاموس اللغة السياسية بايران، بحيث كانت وسائل الاعلام الغربية تصف الفاعليات السياسية في ايران بالبراغماتيين (رفسنجاني ومجموعته التي كانت قد شكلت، خلال فترته الرئاسية الثانية، تنظيما باسم كوادر الاعمار) والراديكاليين، واليسار واليمين، ثم الليبراليين (الاحزاب والتنظيمات الدينية والوطنية خارج الحكم والمعترفة بالدستور بشكل او باخر).
بعد وفاة الامام الخميني تحالف رفسنجاني مع اليمين لابعاد اليسار الاسلامي (تيار مجمع رجال الدين المناضلين بقيادة محمد موسوي خوئني ها ومهدي كروبي) من الحكم. لكنه سرعان ما ندم على ذلك، وتعرضت حكومته لحملة شاملة من قبل تكتل اليمين في البرلمان الذي استطاع سن قوانين ضد الاصلاح الاقتصادي والانفتاح السياسي في البلاد ووضع عراقيل حيال محاولات رفسنجاني لاصلاح العلاقات مع الدول العربية المجاورة والبلدان الاوروبية. وفي تلك الفترة وثق اليمين علاقته مع المرشد والاجهزة الامنية والعسكرية الخاضعة له، كما استعاد الاذاعة والتلفزيون التي كان شقيق رفسنجاني محمد هاشمي يتولى رئاستها، وذلك بتعيين علي لاريجاني مديرا لها.
وقد اطلق رفسنجاني في اواخر فترته الرئاسية مشروعا عن طريق تنظيمه السياسي «كوادر الاعمار» بهدف تقوية اليسار الاسلامي والقوى السياسية المسماة بالتيار الديني الوطني (حركة الحرية بقيادة ابراهيم يزدي وتيار مجلة كيان بقيادة عزت الله سحابي، وتنظيم الدكتور حبيب الله بيمان وجزء من الجبهة الوطنية).
وشجع رفسنجاني اليسار الاسلامي المتمثل في «مجمع رجال الدين المناضلين» و«مكتب تعزيز الوحدة الطلابي» و«تنظيم خط الامام» (الطلبة الذين شاركوا في عملية احتلال السفارة الاميركية) على تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية فيما كان واثقا من ان مرشح اليمين المسيطر على البرلمان، علي اكبر ناطق نوري سيفوز بالانتخابات الرئاسية بعد ان وضع المرشد خامنئي كافة اجهزته تحت تصرفه. وهكذا، كان ظهور محمد خاتمي رئيس المكتبة الوطنية في الساحة كمرشح لليسار والقوى الدينية الوطنية خارج الحكم، ومن ثم فوز خاتمي في الانتخابات بشكل ساحق، مفاجئا رفسنجاني قبل الاخرين.
وكان لتصريحات رفسنجاني قبل بضعة ايام من الانتخابات الرئاسية، اثر كبير في منع اليمين من تزوير نتائج الانتخابات لصالح ناطق نوري بحيث قال في صلاة الجمعة بانه لن يسمح بالتلاعب باصوات الشعب، ومن ثم ذهب رفسنجاني الى وزارة الداخلية بعد انتهاء عملية الاقتراع، واشرف بنفسه على عملية فرز الاصوات.
وكان لعمدة العاصمة غلام حسين كرباستشي ايضا دور رئيسي في فوز خاتمي، اذ ان كرباستشي وضع امكانيات البلدية تحت تصرف معسكر خاتمي. وقد دفع مقابل ذلك ثمنا باهظا اذ كان اول مسؤول كبير يعزل ثم يحاكم ويسجن لا لشيء الا لانه ساعد خاتمي ماديا ومعنويا طوال حملته الانتخابية.
ومنذ العام 1997، دخلت قاموس اللغة السياسية بايران اصطلاحات جديدة مثل «الاصلاحيين» و«المحافظين»، الى جانب «التيار الديني الوطني» و«التيار العلماني».

* الإصلاحيون

* معسكر الاصلاحيين بدا في السنوات الاولى لحكم خاتمي موسعا جدا بحيث انضم معظم القوى السياسية المطالبة باصلاح النظام الى اليسار الاسلامي الفائز في الانتخابات، فيما انسحب خلال فترة رئاسة خاتمي الثانية العديد من القوى الاصلاحية من تحت مظلة «الثاني من الجوزاء»، الاسم الذي اطلق على القوى المشاركة في حملة خاتمي الانتخابية تيمنا بيوم انتخابه 22 مايو (ايار) 1997 الموافق الثاني من الجوزاء العام 1376 الشمسي بالتقويم الايراني.

* جبهة المشاركة

* بعد اشهر من انتخاب خاتمي، قرر انصاره غير المعممين من التكنوقراط والعلمانيين تشكيل تنظيم سياسي يمثل فكرة الاصلاح «والخاتمية» بكل اشكالها، مهندس الاصلاحات الدكتور سعيد حجاريان والمتحدث باسم طلبة خط الامام عباس عبدي واحد قادة مكتب تعزيز الوحدة فاطمة حقيقت جو اضافة الى شقيق خاتمي الدكتور محمد رضا خاتمي والعشرات من الاساتذة والاطباء والتكنوقراط اعلنوا تأسيس حزب جبهة المشاركة الاسلامية. وتحالفت الجبهة مباشرة مع منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية بقيادة بهزاد نبوي ومكتب تعزيز الوحدة بشكل رسمي، ومع قوى ليبرالية ووطنية بارزة مثل حركة الحرية بشكل غير رسمي، معززة بذلك موقعها كأبرز تنظيم سياسي في ايران بحيث تضم كتلة الجبهة البرلمانية في الدورة الراهنة للبرلمان 120 عضوا وقد رفض مجلس صيانة الدستور ترشيح 83 منهم في الانتخابات التي تجري اليوم.
وبقية التنظيمات المجتمعة تحت مظلة «تحالف الثاني من الجوزاء» هي:
ـ منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية بقيادة بهزاد نبوي النائب الثاني لرئيس البرلمان. وتعد هذه المنظمة من اقدم التنظيمات الثورية ومن اكثرها نفوذا في الحرس واجهزة الامن. ويمكن القول ان رجالا مثل بهزاد نبوي ومصطفى تاج زاده ومحسن ارمين من قادة المنظمة، كانوا بتجاربهم السابقة المحرك الرئيسي لماكينة الاصلاحات، ولهذا فان المحافظين وجهوا حملاتهم منذ البداية نحو منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية اولا ثم الى جبهة المشاركة. وبابعاد مصطفى تاج زاده من وزارة الداخلية حيث كان مسؤولا عن الانتخابات ونائبا للوزير للشؤون السياسية، تركزت حملة المحافظين علي بهزاد نبوي ومحسن آرمين غير ان ابعادهما لم يكن ممكنا كونهما نائبين في البرلمان، الا خلال الانتخابات الجديدة وهذا ما تم فعلا برفض ترشيحهما من قبل مجلس صيانة الدستور.
ـ كوادر الاعمار: ابرز اعضاء كوادر الاعمار مثل غلام حسين كرباستشي وعطاء الله مهاجراني وزير الارشاد السابق قد انضموا بشكل عملي الى حلقة انصار خاتمي الا ان التنظيم ابقى على كتلته البرلمانية بثمانية نواب. ويرأس الكتلة علي هاشمي ابن شقيق هاشمي رفسنجاني.
ـ مكتب تعزيز الوحدة: اكبر تنظيم طلابي في ايران، وانسحب من تحالف الثاني من الجوزاء في العام الماضي احتجاجا على سياسات خاتمي وفشله في تحقيق وعوده الاصلاحية. وللتنظيم اربعة ممثلين في البرلمان جميعهم غير مؤهلين، حسب رأي مجلس صيانة الدستور، للمشاركة في الانتخابات اليوم.
وهناك قوى سياسية اصلاحية اخرى مثل: حزب التضامن، وبيت العمال اضافة الى تنظيمات ونقابات مهنية وجمعيات نسائية صغيرة، كما كانت هناك قوى سياسية اخرى كانت على شبه تحالف غير رسمي مع جبهة الثاني من الجوزاء عند انطلاق التحالف، غير انها ابتعدت طوعا او مرغمة عن الجبهة تدريجيا فيما ابقى بعضها مثل حركة الحرية على صلاتها مع جبهة المشاركة.
الى جانب هذه القوى الاصلاحية تجدر الاشارة الى مجمع رجال الدين المناضلين الذي ينتمي اليه خاتمي وكروبي. ونظرا لكون المجمع روحانيا ـ اي يتشكل من رجال الدين الاصلاحيين، فان اتخاذ مواقف متشددة مثل التي اتخذتها جبهة المشاركة مؤخرا، صعب جدا على كروبي ورفاقه، بحيث لا يرغب كروبي ولا خاتمي ان تفسر مواقفهما بانها محاولة لاضعاف ولاية الفقيه وابعاد رجال الدين عن الحكم، علما ان عبد الله نوري وزير الداخلية ومدير صحيفة سلام المغلقة وعلي اكبر محتشمي النائب الحالي ووزير الداخلية الاسبق هم من اكثر المعارضين لولاية الفقيه وشخص المرشد تشددا.

* المحافظون:

* التنظيمات والاحزاب اليمينية المناهضة للاصلاحات لا تمثل رأيا واحدا ولا تيارا فكريا وثقافيا مشتركا، بل ثمة مصالح ما جمعت هذه التنظيمات والاحزاب تحت مظلة ولاية الفقيه. وابرز هذه التنظيمات «رابطة رجال الدين المناضلين» التي كانت قبل الثورة تجمعا لابرز رجال الدين المعارضين للشاه، غير انها انقسمت بعد الثورة الى مجموعتين الاولى بقيادة مهدوي كنى والثانية بقيادة موسوي خوئني ها (مجمع رجال الدين). وحاليا هناك تباين واضح في وجهات نظر بعض كبار اعضاء الرابطة مثل رفسنجاني وحسن روحاني وعلي اكبر ناطق نوري.


عـــودة إلى عنــاوين الأخبـــار




All Rights Reserved © كل الحقوق محفوظة

February 20, 2004 01:06 AM






advertise at nourizadeh . com