February 23, 2004

تدني نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية في طهران والمدن الكبرى وشبه مقاطعة في الريف

خامنئي يتوقع مجلس شورى جديدا «أكثر هدوءا» ومواجهة قاسية بين خاتمي المحبط وروحاني * إحباط محاولات تزوير الانتخابات في أكثر من دائرة ووزارة الداخلية تكشف تزوير بطاقات في باكستان
لندن: على نوري زاده طهران: «الشرق الأوسط» لم تتحقق المفاجأة التي كان الرئيس الايراني محمد خاتمي يراهن عليها وهي مشاركة الايرانيين بكثافة في الانتخابات التشريعية الهامة التي جرت امس لانتخاب نواب مجلس الشورى الايراني الثامن (البرلمان) منذ قيام الجمهورية الاسلامية، وبالرغم من عدم اعلان وزارة الداخلية الايرانية اي ارقام رسمية بعد حول نسبة التصويت، الا ان مراقبين وشهود عيان اكدوا انها كانت منخفضة للغاية في المدن الكبرى والريف على حد السواء، وان نسبة المشاركة في طهران العاصمة لم تتجاوز 10% بينما انخفضت الى 7% في اصفهان و6% في كردستان الامر الذي يعني ان ايران على وشك «طي صفحة التعايش المتأزم» بين الاصلاحيين والمحافظين وبدء صفحة جديدة من سيطرة المتشددين منفردين على اهم مؤسسات الحكم الايراني،

ويأتي ذلك فيما علمت «الشرق الأوسط» ان الرئيس خاتمي كان يعتزم مغادرة طهران اول من امس الى مدينة بام المنكوبة كي يتجنب الادلاء بصوته امام عدسات المصورين تحسبا لاستغلال المحافظين ذلك لتشجيع الناخبين على التصويت، الا انه اضطر للرجوع عن خطته اثر تعليمات من المرشد الاعلى آية الله علي خامنئي.
وكان خامنئي اول من ادلى بصوته في الانتخابات صباح امس، ودعا الايرانيين الى التوجه بكثافة الى صناديق الاقتراع، متهما «اعداء» الجمهورية الاسلامية بمحاولة منعهم من المشاركة في الانتخابات. وقال ان «اليوم يوم مهم للشعب وللوطن كما هي الحال في كل انتخابات»، لكنه اكد انه يرتدي اهمية اكبر لان «اعداء» الجمهورية الاسلامية «يحاولون منع الناس من التوجه الى صناديق الاقتراع».
وتابع خامنئي: «ترون كيف يحاول من هم ضد الامة الايرانية والثورة بكل جهدهم منع الناس من التوجه الى مراكز الاقتراع، ولا اعتقد ان الشبان المتحمسين سيمنعون من اداء واجبهم». ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن رفسنجاني قوله: «من الصعب القيام بتكهنات، ولكن الوضع العام يشير الى ان المشاركة ستكون مقبولة». وقال ان مجلس الشورى المقبل سيكون «اكثر اعتدالا واكثر هدوءا».
وادلى خاتمي الذي بدا عابسا بصوته في مقر وزارة الداخلية. وقال في انتقاد مقنع للانتخابات التي وصفها بأنها غير عادلة: «هذه الامة هزمت مرات عدة لكنها واصلت طريقها واحدثت معجزات». وقال خاتمي خلال جولة له في قسم اللجنة الانتخابية في وزارة الداخلية: «المهم ان يشارك الناس في الانتخابات. واذا كانت المشاركة جيدة، اعرف ان بامكان هذا الشعب ان يخلق المفاجآت، رغم كل التنبؤات والدعاية» التي ترجح فوز المحافظين. ولم يسمح الا لعدد محدود من الصحافيين والمصورين العاملين في وسائل اعلامية رسمية بمرافقته الى صندوق الاقتراع. ويبلغ عدد الناخبين الايرانيين اكثر من 46 مليون شخص من الجنسين ممن بلغوا سن الخامسة عشرة، بحسب ارقام وزارة الداخلية. ومن غير المعروف بدقة نسبة مقاطعة الايرانيين للانتخابات، الا ان شهود عيان ومراقبين يقولون ان نسبة المقاطعة كبيرة جدا في المدن والارياف على حد سواء، نتيجة الخيبة التي تركها عدم تحقق الآمال التي علقها الكثيرون على الاصلاحيين خلال فترة سيطرتهم على البرلمان في الاعوام الماضية. وفي مدينة قم الشيعية المقدسة حيث يتنافس 86 مرشحا للفوز بثلاثة مقاعد، لم يكن من الممكن بعد خلال فترة قبل الظهر تبين نسبة الاقتراع تماما. ويفترض ان يبدأ اعلان نتائج الانتخابات الاولية اليوم، الا ان النتائج النهائية لن تعلن قبل بضعة ايام.
وبقي الملايين من الإيرانيين في مختلف أنحاء إيران وخاصة في العاصمة طهران والمدن الكبيرة في بيوتهم متجاهلين نداءات المرشد الأعلى علي خامنئي ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني وأحمد جنتي أمين مجلس صيانة الدستور وامام صلاة الجمعة بمدينة طهران الذين دعوا الشعب للتصويت بكثافة.
وأكد أحد النواب الإصلاحيين في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الشعب الإيراني الذي صنع ملحمة الثاني من خرداد (تاريخ انتخاب خاتمي) قبل سبع سنوات بمشاركته غير العادية في الانتخابات التي كانت نتيجتها محسومة حسب توقعات المرشد والمحافظين، قد غير بتصويته لخاتمي النتيجة، ووجه رسالة صريحة إلى الحكم مفادها، «إننا لا نريدكم»، ونطالب بالإصلاحات الجذرية. وأشار النائب الإصلاحي الذي رفض مجلس صيانة الدستور ترشحه رغم كونه ثوريا سابقا وعضوا في مجموعة طلبة خط الأمام، إلى أن الشعب الإيراني قال قبل سبع سنوات «لا» للمحافظين، أما اليوم فإنه ببقائه في البيت قال «لا» للنظام بأكمله.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس خاتمي كان قد قرر أول من أمس الذهاب إلى مدينة بام المنكوبة في الزلزال حتى لا يجبر على الذهاب إلى صندوق الاقتراع كي لا تستغل أجهزة الدعاية الخاضعة لهيمنة المحافظين حضوره لتشجيع المواطنين على الإدلاء بأصواتهم، ولكنه ألغى سفره بعد اتصال هاتفي مباشرة من جانب خامنئي وكشفه مسؤول برئاسة الجمهورية عن مواجهة كلامية قاسية تمت بين خاتمي وحسن روحاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي عقب قيام روحاني بتوجيه تحذيرات إلى الصحف الإصلاحية ووزارة الإرشاد بعدم نشر رسالة النواب الإصلاحيين إلى المرشد التي اتهموا خلالها الولي الفقيه بأنه، وليس مجلس صيانة الدستور، مسؤول عن شطب أسماء أكثر من 2600 مرشح إصلاحي في القوائم الانتخابية من قبل مجلس صيانة الدستور. وبعد ساعات من توجيه هذه التحذيرات أرسل النائب العام لمدينة طهران سعيد مرتضوي رجال الأمن لتوقيف صحيفتي «ياس نو» و«شرق» وإغلاق المركز الرئيس لحزب جبهة المشاركة أبرز تنظيم إصلاحي المقاطع للانتخابات. وبالنظر إلى أن روحاني وجه تحذيراته تحت اسم المجلس الأعلى للأمن القومي ملوحا بأن المجلس قد اتخذ قرارا بعدم نشر رسالة النواب، فإن خاتمي الذي يتولى رئاسة المجلس اعتبر عمله خرقا للدستور وتجاوزا لحدوده كموظف في المجلس، وعلمت «الشرق الأوسط» أن محاولات رفسنجاني ومدير مكتب خامنئي محمدي غولبايغاني، لإصلاح ذات البين بين خاتمي وروحاني لم تتكلل بالنجاح، بحيث وجه خاتمي رسالة قاسية اللهجة إلى روحاني، مؤكدا أنه لن يتحمل بعد الآن ما وصفه بتصرفات غير قانونية وتدخلات سافرة في شؤون أوكل الشعب الإيراني مسؤوليتها إلى رئيس الجمهورية.
ومن جانب آخر، تمكنت اللجان الرقابية التابعة لوزارة الداخلية، من فضح عدة محاولات من قبل بعض رجال الحرس الثوري «البسيج» وعائلاتهم، للتصويت في الانتخابات أكثر من مرة واحدة بوثائق هوية مزورة سبق أن كشفت وزارة الداخلية عن طبعها في باكستان.
وقال مسؤول بالوزارة، إن المحافظين سلكوا سبلا غير شرعية ومدانة لرفع نسبة المشاركة تارة بالتصويت في أكثر من مركز بوثائق ميلاد مزورة وتارة أخرى بشراء أصوات القرويين والفقراء، إلى جانب نقل الآلاف من سكان الريف بباحات عسكرية إلى المدن الكبيرة كي يصوتوا في المراكز التي جندت الإذاعة والتلفزيون لبث تقارير مصورة منها حول المشاركة الضخمة للشعب. وعلمت «الشرق الأوسط» أن عبد الواحد موسوي لاري، وزير الداخلية، كلف مساعده مرتضى مبلغ بصيانة صناديق الاقتراع ونقلها إلى مقر أركان الانتخابات في وزارة الداخلية حيث سيتم فرز الأصوات باليد عقب رفض مجلس صيانة الدستور، فرزها الكترونيا بالكومبيوتر، وذلك للتلاعب بنتائج الانتخابات، إذ أن الفوز الالكتروني يغلق أبواب التدخل، فيما فرز الأصوات بأياد غير آمنة على حد قول أحد أعضاء المجلس السياسي لجبهة المشاركة سيوفر الفرصة لعناصر في مجلس صيانة الدستور للتلاعب بأرقام الناخبين. وبتعليمات من مرشد الثورة تم تمديد مهلة الاقتراع عقب انتهائها في السادسة مساء بتوقيت طهران، ورغم ذلك فإن نسبة المشاركة في طهران لم تتجاوز عشرة في المائة فيما هبطت هذه النسبة في أصفهان إلى 7 في المائة، وفي محافظة كردستان إلى 6 في المائة. ونتائج الانتخابات التي كانت محسومة حسب بيان حزب جبهة المشاركة، لن تغير الصورة القائمة في البلاد بحيث يتوقع المراقبون، بدء حملة شرسة من قبل القضاء وأجهزة الأمن الموازية (لوزارة الاستخبارات) الخاضعة للولي الفقيه والمحافظين ضد الإصلاحيين، ووجه النائب العام سعيد مرتضوي اتهامات إلى كبار الشخصيات الإصلاحية المقاطعة للانتخابات فيما وصف أحمد جنتي أمين مجلس صيانة الدستور الدكتور محمد رضا خاتمي نائب رئيس البرلمان ورفاقه في جبهة المشاركة بأنهم خونة، قاطعوا الانتخابات لإرضاء أميركا.



عـــودة إلى عنــاوين الأخبـــار




All Rights Reserved © كل الحقوق محفوظة

February 23, 2004 04:08 PM






advertise at nourizadeh . com