September 04, 2004

الجعفري يحذر طهران من تصرفات أجهزتها الأمنية والعسكرية داخل العراق

نائب الرئيس العراقي صارح خامنئي وخاتمي بالعواقب السلبية المحتملة للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية العراقية
لندن: علي نوري زاده
أفاد مصدر إيراني مطلع بان الدكتور إبراهيم الجعفري نائب الرئيس العراقي الذي زار طهران أخيرا، حذر إيران من العواقب السلبية المحتملة لتدخلات أجهزتها السرية والعسكرية في الشؤون الداخلية للعراق.

وقال المصدر الذي تابع عن قرب المباحثات التي أجراها الجعفري مع كبار المسؤولين الإيرانيين أواخر الشهر الماضي، وفي مقدمتهم المرشد علي خامنئي والرئيس محمد خاتمي، بدا «صريحا جدا وقاسيا» على نحو لم يألفه الإيرانيون من قبل منه او من غيره من القيادات الشيعية العراقية.
وللجعفري الذي عاش بضع سنوات في إيران بعد فراره من العراق في عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، علاقات قديمة مع الكثير من أركان الحكم في طهران والقيادتين السياسية والدينية. وحظي الناطق الرسمي باسم الجناح الرئيسي لحزب الدعوة الإسلامية بثقة القيادة الإيرانية ودعمها خلال سنوات الحرب بين إيران والعراق وبعدها. ورغم ان الجعفري، لم يكن مرتبطا بقيادة العمل السري لحزب الدعوة القريبة من استخبارات الحرس الثوري وفيلق القدس، إلا كان له تأثير كبير في تطوير علاقات الحزب مع إيران، رغم انه ساعد في الوقت نفسه في الحفاظ على جانب من استقلالية الحرب وعدم تذويبه في «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق« بقيادة الراحل محمد باقر الحكيم. وبعد سقوط صدام حسين وتشكيل مجلس الحكم وانضمام الجعفري اليه، أبقى نائب الرئيس العراقي على علاقاته الودية مع المسؤولين الإيرانيين رغم اعتراضاته المعروفة على تبني بعض قيادات حزب الدعوة السياسية والدينية التبعية المطلقة للولي الفقيه (خامنئي)، وهو ما كان قد تسبب في انشقاقات داخل الحزب. وحسب المصدر فان الجعفري قوبل في البداية بترحيب حار في مكتب المرشد والرئاسة الإيرانية، غير ان الصورة بدأت تتغير عقب أول اجتماع بين نائب الرئيس العراقي وفريق من مستشاري خامنئي وبينهم مسؤول كبير في المجلس الأعلى للأمن القومي ووزير سابق يعمل مستشارا لخامنئي، ففي ذلك اللقاء ـ كما يقول المصدر الإيراني ـ تحدث الجعفري بمرارة واستياء بالغ عما وصفه بـ«التدخل السافر» في شؤون بلاده من قبل جهات أمنية وعسكرية إيرانية. وأشار الى ان محبي إيران في العراق وأولئك الذين يأملون بقيام تحالف حقيقي بين طهران وبغداد يشعرون اليوم بحرج حيال شعبهم، ومنهم من لا يجد جوابا على التساؤلات التي تدور في الشارع عن حقيقة علاقات إيران مع الأحزاب والشخصيات الشيعية.
واعتبر الجعفري في أحاديثه مع المسؤولين الإيرانيين تمرد مقتدى الصدر «ظاهرة خطيرة« ستلحق أضرارا بالشيعة بالدرجة الأولى وبإيران المتهمة بدعمه.
ويقول المصدر ان الجعفري بدا في اللقاءات التالية أكثر صراحة في حديثه عن أنشطة حسن كاظمي قمي القائم بالأعمال الإيراني في بغداد. وكاظمي قمي كان قد تولى منصبا امنيا كبيرا في استخبارات الحرس في لبنان ثم عُين قنصلا في مدينة هرات الأفغانية قبل نقله الى العراق حيث عُيّن قائما بأعمال السفارة الإيرانية في بغداد عقب فشل مكتب المرشد خامنئي في اخذ موافقة مجلس الحكم العراقي على تعيين العميد سيف اللهي مستشار خامنئي وعضو اللجنة الأمنية والعسكرية المسؤولة عن شؤون العراق سفيرا لدى العراق.
وإيفاد حسن كاظمي قمي الى بغداد برفقة خليل نعيمي احد كبار ضباط استخبارات فيلق القدس كان بمثابة محاولة لملء الفراغ. ورغم ان اغتيال نعيمي في بغداد وجه ضربة كبيرة الى كاظمي قمي وأجهزة الاستخبارات الإيرانية إلا ان كاظمي سرعان ما استطاع عبر إقامة شبكة من العلاقات في العراق تنفيذ المهام السرية الذي كان نعيمي مكلفا بتنفيذها.
وابلغ الدكتور الجعفري محدثيه الإيرانيين بان أنشطة كاظمي قمي تخضع لمراقبة دقيقة، وان على طهران تحذير ممثلها في بغداد بالابتعاد عما سيتسبب في طرده من العراق.
وعلمت «الشرق الأوسط» ان مباحثات نائب الرئيس العراقي شملت أيضا موضوع منظمة «مجاهدين خلق« الإيرانية المعارضة، حيث أكد ان الحكومة العراقية تبحث عن مخرج لهم خصوصا انه لا يمكن تسليمهم الى إيران، فيما لن تسمح الحكومة العراقية بان يتحولوا الى تهديد ضد إيران، ومن مصلحة البلدين إيجاد حل لخروجهم من العراق أينما يرغبون.
وفي لقائه مع الرئيس خاتمي أكد الجعفري ان مصالح إيران في العراق ستكون مضمونة بوجود حكومة ديمقراطية، بينما تدخلات بعض الأجهزة الإيرانية لمنع استقرار الأوضاع في العراق ستفسر حتما عن تقليل فرص مشاركة إيران في عملية بناء الكيان العراقي الجديد وإعمار العراق، وستوفر الذرائع اللازمة للقوى المعادية لإيران داخل العراق إثارة الرأي العام ضد الجمهورية الإسلامية. وعلمت «الشرق الأوسط« ان خاتمي أبدى تفهما واضحا لمطالب الجعفري، بينما أوساط المرشد خامنئي لم تخف استياءها من تحذيرات الجعفري. ولكن ما عزز من موقع الجعفري عند الإصلاحيين ان برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي الذي زار طهران على رأس وفد بعد أيام من زيارة الجعفري تحدث في لقاءاته مع كبار المسؤولين في حكومة خاتمي عن القضايا نفسها التي أثارها الجعفري بحيث تبين للمسؤولين الايرانيين ان الدكتور الجعفري لم يكن يتحدث عن موقف شخصي بل ان طرحه في مباحثاته يمثل رأي القيادة العراقية الجديدة التي ترغب في إقامة علاقات حسن الجوار والتعاون على أعلى المستويات بين البلدين ولكن في نفس الوقت ترفض تدخلات إيران في شؤون العراق الداخلية، كما تطالب بان تتحدث القيادات الإيرانية بلغة واحدة، وليس بعدة لغات، كما هو حاصل الآن.



عـــودة إلى عنــاوين الأخبـــار




All Rights Reserved © كل الحقوق محفوظة

September 4, 2004 04:03 PM






advertise at nourizadeh . com