October 14, 2004

إيران: خاتمي يواجه أصعب أيامه بعد استقالة أبطحي آخر جنرالات الإصلاحيين

لندن: علي نوري زاده
واخيرا نجحت الجبهة المناهضة للاصلاحات في ايران في اقصاء آخر جنرالات خاتمي واكثرهم صدقا وإخلاصا ازاء الرئيس الايراني ومشروعه القاضي بتحويل «نظام ثيوقراطي مستبد ومنفصل عن الشعب، الى نظام ديمقراطي محبوب

وعلى حد قول كاتب اصلاحي قريب من خاتمي فان الرئيس الايراني عاش منذ اليوم الاول من رئاسته اياما صعبة منها يوم اقصاء قائد جيش الاصلاح ووزير داخليته عبد الله نوري، ويوم تعرض مستشاره وصديقه معمار الاصلاحات الدكتور سعيد حجاريان لهجوم ومن ثم يوم استقالة المتحدث باسم الاصلاح والتغيير وزير الارشاد الدكتور عطاء الله مهاجراني تحت ضغوط مكتب الولي الفقيه واستخبارات الحرس، اما اصعب أيامه فكان عشية سفره الى الجزائر والسودان وسلطنة عمان وسورية، عندما ابلغه مدير مكتب الولي الفقيه، حجة الاسلام محمدي غولبايغاني بأن محكمة رجال الدين قد اعدت ملفا ضد مساعده وصديقه محمد علي ابطحي سيتم بموجبه احضار ابطحي وتوجيه اتهامات اليه تتراوح بين ارتباطه بالمعارضة ومشاركته في التآمر ضد الولي الفقيه الى اتهامات ملفقة تخص حياته الشخصية. وكان خاتمي على وشك الغاء جولته العربية لولا تدخل رفسنجاني واقناع الرئيس بمواصلة اجندة زيارته مقابل قيام ابطحي بتقديم استقالته وتجميد ملف الاتهامات ضده.
ونظرة الى علاقات خاتمي بمدير مكتبه في الدورة الاولى لرئاسته ومساعده للشؤون القانونية والبرلمانية محمد علي ابطحي تكشف ان ابطحي قد ظل حليفا لخاتمي وساعده الايمن منذ ان كان خاتمي وزيرا للارشاد. وقد تولى ابطحي منصب رئيس مكتب خاتمي ومن ثم عُيّن مساعدا له. وكما ان خاتمي بدأ حياته السياسية عبر بوابة الثقافة والاعلام بتوليه رئاسة مؤسسة «كيهان» الصحافية (اهم قاعدة مناهضة لخاتمي والاصلاحات حاليا) فان ابطحي دخلها ايضا من بوابة الاعلام والثقافة حينما تسلم منصب رئيس اذاعة طهران، اوائل الثورة. وخاتمي هو ابن عائلة دينية معروفة وبارزة من وسط ايران (مدينة اردكان) في محافظة يزد، بحيث كان والده آية الله روح الله خاتمي من اكثر رجال الدين شعبية، فيما ابطحي سليل عائلة دينية معروفة بمدينة مشهد عاصمة محافظة خراسان شرق ايران. ووالده آية الله ابطحي كان من رجال الدين البارزين بمشهد وبسبب نظرته الصوفية ومعارضته الشديدة لسياسات النظام لا سيما عنفه في مواجهة المعارضة واصحاب الرأي الآخر والاعدامات التي حصلت في بداية الثورة، ظل بعيدا عن اجهزة الحكم خلافا لابنه الذي انخرط في السياسة منذ ان كان شابا متحمسا لآراء الدكتور علي شريعتي المفكر الاسلامي الراحل وصاحب منهج التجدد في الدين.
ومن الاذاعة انتقل ابطحي الى وزارة الارشاد، وحينما تبين لرئيسه محمد خاتمي وزير الارشاد في عهد الخميني وبداية عهد خامنئي، بانه لم يعد بامكانه العمل في الاجواء التي سادت البلاد في مستهل عهد الثنائي خامنئي ـ رفسنجاني عقب وفاة الامام الخميني، ارسل ابطحي الى لبنان قبيل اعلان استقالته، رئيسا للمركز الثقافي الايراني ببيروت وذلك ضمانا لسلامة ابطحي ومستقبله. والسنوات الاربع التي قضاها ابطحي في لبنان تركت بصماتها في روح ابطحي وعلى ادائه، والمحيط السياسي والثقافي المنفتح في لبنان والديمقراطية اللبنانية واختلاطه برجال الدين والعلم والفن والثقافة والاعلاميين البارزين، علم ابطحي كثيرا ودفعه الى ان يكون اول دعاة الاصلاح حين عودته. والمعروف ان ابطحي نظم رحلة لخاتمي قبل سنة من رئاسته وفي الوقت الذي لم يكن اسمه مطروحا كمرشح للرئاسة. وفي هذا السفر القى خاتمي محاضرات ثقافية في بيروت وجنوب لبنان كما التقى بالبطريرك اللبناني ورجال الدين المسيحيين والمسلمين، وتعرف على شخصيات بارزة، ساهم بعض منها في مرحلة رئاسة خاتمي في رسم صورة مشرقة عنه في وسائل الاعلام اللبنانية. وكان احد رجال الولي الفقيه في صحيفة كيهان، وصف قبل حوالي سنة فترة اقامة ابطحي في لبنان، بفترة تحول ابطحي من رجل دين ملتزم الى مثقف ليبرالي علماني معارض للولي الفقيه. واشار في مقاله الى انه التقى بأبطحي ذات يوم وكان يقوم بتصوير بعض معالم لبنان في بوليفار بيروت الساحلي وهو كان يمشي بـShort قصير في مشهد لا يمكن تصوره..
وقد سخر ابطحي من مزاعم كاتب صحيفة كيهان، مشيرا الى أنه (أي ابطحي نفسه) يحب الرياضة ولا يمكن ممارسة الرياضة مع العمامة والعباءة.
والجدير بالذكر ان ابطحي يرغب في ارتداء البدلة والقميص خلال اسفار خاتمي الخارجية، بحيث كان يظهر خلال لقاءاته مع الصحافيين والايرانيين المغتربين بزي مدني، فيما كان يحضر اللقاءات الرسمية بلباسه الديني الرسمي. ومكتب ابطحي في الرئاسة ظل منذ اليوم الاول من دخوله اليه، ملجأ للكتاب والمثقفين لا سيما اولئك الذين تعرضوا للملاحقة والسجن والتهديد. وحضوره مراسم تأبين عدد من قادة المعارضة والمثقفين والكتاب الذين قُتلوا على ايدي رجال الامن في قضية الاغتيالات السياسية، قد اثار موجة من العداء والتهديد ضده من قبل المحافظين واجهزة الاستخبارات فيما عزز مكانته لدى الاصلاحيين والطلبة والنساء.
ومن ثم فإن انضامه الى اصحاب المواقع الالكترونية في الانترنت قد جلب له اعداء جدداً ومنهم الولي الفقيه نفسه، بسبب جرأة أبطحي وشهامته في طرح قضايا محظورة في كتاباته بموقعه الالكتروني «وب نوشت».
وفي آخر مقال له بموقعه الالكتروني والذي تحدث فيه أبطحي عن بعض اسباب استقالته، أورد مساعد خاتمي، «منذ بداية عمل الدورة السابقة لمجلس الشورى الاسلامي (التي تسيطر عليها القوى المناهضة للاصلاحات نتيجة لمنع ترشيح الاصلاحيين في الانتخابات من قبل مجلس صيانة الدستور) حتى هذه اللحظة قدمت استقالتي ثلاث مرات الى الرئيس خاتمي. وكان يهمني ان يعرف خاتمي ان استقالتي ليست هروبا من المسؤولية كما انها ليست بمعنى عدم التعاون معه، لأنني اعرف جيدا بأن هويتي السياسية والثقافية قد شكلت في ظل خاتمي (أي ان أبطحي يعتبر نفسه جزءا من الخاتمية في وجهها السياسي والثقافي). واليوم قرأت ما كتبه خاتمي تحت كتاب استقالتي واصبحت واثقا من ان خاتمي يعرف جيدا بأنني لست رفيقا لنصف الطريق. بل لم يكن باستطاعتي في وظيفتي ـ مساعد رئيس الجمهورية للشؤون البرلمانية والقانونية ـ ان أقيم التعاون بين البرلمان والحكومة». وكان خاتمي قد كتب تحت كتاب استقالة رفيق دربه وكاتم أسراره: «بسم الله; معالي السيد أبطحي، مع تقديري لمرافقتك لي في كافة المراحل، أوافق على طلب اعفائكم من مسؤوليتكم الراهنة تلبية لاصراركم على الاستقالة متمنيا من الله كل التوفيق والنجاح لكم وأملا بأن أتمتع مستقبلا برأيكم واستشاراتكم في مقام مستشاري».
وعلق أبطحي على ما كتبه خاتمي تحت كتاب استقالته قائلا: مع امتناني للرئيس بقبوله استقالتي، أقول بانني اعتقد ان الطريق الوحيد لانقاذ ايران هو منهج خاتمي الاصلاحي. ورغم وجود صعوبات ومشاكل كثيرة أمامنا، سأسعى اكثر من الماضي لاساهم في سبيل رفع مكانة الشعب الايراني. وأبارك للسيد مجيد أنصاري الذي تسلم المسؤولية من بعدي متمنيا بأن يتمكن من ايجاد تعامل بناء بين البرلمان والحكومة.
ووعد أبطحي قراء مقالاته بموقعه الالكتروني بمزيد من الكتابة وبصراحة اكثر.


October 14, 2004 10:40 AM






advertise at nourizadeh . com