July 15, 2005

إيران و دول الخليج (الفارسي..) حرب الصحف

لندن: علي نوري زاده
كلما يعقد اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي ويصدر عنه بيان بشأن الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، تظهر الأقلام المناهضة للصداقة الايرانية الخليجية حقيقة نيات أصحابها. ورغم ان هناك اتفاقا بين الايرانيين، معارضين او موالين للنظام، محافظين أو اصلاحيين، حول التمسك بالجزر غير ان تعامل ما شاء الله شمس الواعظين، الصحافي الإصلاحي البارز ومؤسس أول صحيفة للمجتمع المدني «صحيفة جامعة» بعد انتخاب محمد خاتمي عام 1997 مع الموضوع، مختلف تماما عن المنهج الذي يختاره حسين شريعت مداري، المفتش السابق لوزارة الاستخبارات ومدير صحيفة «كيهان» الراديكالية

للتعليق على الاجتماع والبيان الصادر عنه بعبارات غير مناسبة بوصفه أحد الصحافيين المتخصصين في الشؤون الخليجية بصحيفة «شرق» الاصلاحية التوجه القائم في الصحف الايرانية حيال الدول الخليجية. والصحافي الاصلاحي الذي يرفض الرقابة وقد دفع ثمنا باهظا في السنوات الاخيرة دفاعا عن حرية التعبير والقلم، سواء بتحمله مصائب سجون سعيد مرتضوي، النائب العام والملقب بجزار الصحف او بمشاهدة جثث زملائه المشوهة ممن تجرأوا على مساءلة الولي الفقيه او ان يلقوا الضوء على غياهب سجون استخبارات النظام المظلمة، كما فعله أكبر كنجي الذي هو على وشك الموت بعد ان مرت على إضرابه عن الطعام ثلاثة اسابيع، لن يقبل بان تمارس السلطة الحاكمة في ايران الرقابة بالريموت كونترول على الصحف الخليجية، لذا فان المظاهرات التي قامت في البحرين بإشارة ممثل الولي الفقيه وبعض اجهزة الدعاية والاستخبارات ضد صحيفة «الايام» البحرينية التي نشرت رسما كاريكاتيريا عن علي خامنئي، اثارت شجب وادانة واسعة بين الكتاب والمثقفين والصحافيين الاصلاحيين الذين اصبح كثير منهم عاطلين عن العمل بعد ان اصدر سعيد مرتضوي قرارا باغلاق اكثر من 170 صحيفة ومجلة اصلاحية ومستقلة. وفي الوقت الذي شنت فيه الصحف القريبة من السلطة العليا والمواقع الالكترونية المرتبطة بأركان النظام حملة شعواء ضد الدول الخليجية، وصلت في بعض الأحيان الى حد تهديد هذه الدول بصواريخ الولي الفقيه والجماهير الشيعية الغاضبة التي حسب زعم صحيفة أنصار حزب الله، هي رهن اشارة الولي الفقيه.
ومن بين المطالب التي نشرتها وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية، اثار تقرير ملفق نشره موقع «بازتاب» للجنرال محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام ردودا قاسية وادانة واسعة ارغمت رضائي على سحب التقرير بعد يوم من نشره، وتضمن التقرير رواية اثارت الاستهجان حول رئيس دولة الامارات العربية الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد سنة من وفاته، كما ان صحفا مثل «كيهان» و«سياست روز» و«يالثارات» و«جمهوري اسلامي»، استغلت نشر كاريكاتير خامنئي في «الايام» البحرينية لتوجيه اهانات مباشرة ليس الى القيادة البحرينية فحسب، بل الى القادة الخليجيين أجمعهم، مما سبب في ان تعاد الى ذاكرة الايرانيين الايام العصيبة في العلاقات الايرانية ـ الخليجية قبل مجيء خاتمي الى الحكم.

رغم ان هاشمي رفسنجاني كان خلال السنوات الاولى لرئاسته يتبع منهجا قريبا من خامنئي والراديكاليين تجاه الدول الخليجية، غير انه حاول في العامين الاخيرين من الفترة الثانية لرئاسته انتهاج سياسة براغماتية قائمة على مصالح ايران القومية، وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في علاقات النظام الاسلامي مع الجارات الخليجية، وفي مقدمتها السعودية. وعقب لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في اسلام آباد خلال مؤتمر القمة لدول منظمة المؤتمر الاسلامي، حيث تلقى موافقة الأمير عبد الله على حضور القمة الاسلامية بطهران (التي كان من المقرر عقدها في عهد خلفه غير المحدد اسمه آنذاك) توجه رفسنجاني بعبارات المصالحة والأخوة الى الدول الخليجية.

وفي اطار العلاقات الدافئة كتب الدكتور علي رضا حقيقي الكاتب والأستاذ الجامعي حول «أهمية توسيع العلاقات الإيرانية السعودية» ما يلي: «لسنوات عدة، كانت سياستنا الخليجية خاضعة للشعارات الفارغة والعقلية الثورية بدون الأخذ بعين الاعتبار مصالح بلادنا الاستراتيجية... اننا نستطيع اليوم، بتبني المشروع السعودي للسلام في الشرق الأوسط الذي قدمه الأمير عبد الله خلال مؤتمر القمة العربية في بيروت، ان نعزز فرص انجاح المشروع، ونظهر صدقيتنا حيال السعودية».

غير أنه بسبب تباين المصالح والاهداف السياسية لم تكن كل الصحف الايرانية مؤيدة للتقارب الايراني ـ الخليجي، ففي مقال نشرته صحيفة «أنصار حزب الله» بعد توقيع الاتفاقية الأمنية بين إيران والسعودية جاء ما يلي: «نرى هذه الأيام تنامي موجة مشبوهة حركتها مجموعة ممن أنعمتهم دولة عربية كبرى مجاورة لبلادنا، بسيوف ذهبية ومجوهرات ثمينة، هدفها ازالة الذكريات السلبية عن الدولة المذكورة من مفكرة المواطن الايراني. هل نسى البعض عبارات الامام الخميني الصريحة حيال الدولة المعنية في هذا العمود؟» غير ان انتخاب خاتمي كان منعطفا تاريخيا ليس في علاقات طهران مع العواصم الخليجية فحسب، بل في النظرة الإعلامية والدعائية الايرانية نحو الساحل الجنوبي للخليج، والفضل في التحول السريع نحو الأفضل في العلاقات الايرانية ـ الخليجية يعود الى القيادة السعودية التي اوفدت فور اعلان خبر فوز خاتمي مبعوثا رسميا هو عبد العزيز الخويطر الى طهران قبيل انتقال خاتمي الى القصر الرئاسي ليسلمه رسالة تهنئة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده. ولم يفاجأ خاتمي بالمبادرة السعودية، فحسب، بل ان الصحف المعدودة التي كانت تدعم خاتمي في ذلك الحين، استقبلت المبعوث السعودي بعناوين ترحيب ضخمة في صدر صفحاتها الاولى.

وفي تطور العلاقات الايرانية ـ السعودية وتحسنها، شهدت علاقات ايران مع باقي دول مجلس التعاون تحسنا سريعا لدرجة ان الدول الخليجية وبموافقة امارتية ضمنية اتخذت موقفا معتدلا حيال قضية الجزر.

وبظهور الصحف الاصلاحية واقلام مؤمنة بضرورة قيام تحالف استراتيجي بين ايران والسعودية مثل ما شاء الله شمس الواعظين والدكتور احمد زيد آبادي والدكتور علي رضا حقيقي، اضطر التيار المتشدد بالنظر الى ارتباط بعض اعضائه باجهزة الاستخبارات المسيطر على الصحف الراديكالية والمحافظة، الى تغيير خطابه المعادي للدول الخليجية، غير ان بعض الصحف الراديكالية مثل «كيهان» و«جمهوري اسلامي» و«يالثارات»، كانت تنشر بين الحين والآخر مطالب سلبية عن البلدان الخليجية نقلا عن الصحف والوكالات الاجنبية. اما التوجه العام للصحف فانه كان ايجابيا حيال تنمية العلاقات الايرانية ـ الخليجية بشكل عام والايرانية ـ السعودية بوجه خاص.

ان فوز احد كبار مسؤولي استخبارات الحرس القدامى، محمود احمدي نجاد، في الانتخابات الرئاسية لم يسبب قلب الامور على الصعيد الداخلي وعودة المتشددين ورجال الحرس والاستخبارات الى مؤسسات الحكم، بل ان دعاة التحالف الاستراتيجي بين ايران وجاراتها في الخليج مضطرون اليوم الى إما قبول الصمت لتفادي السجن والتهديد والبطالة او ان يختاروا ساحات اخرى على حد قول الدكتور حقيقي ليكتبوا عنها. والتجربة الاخيرة في تعامل النظام مع نشر كاريكاتير عن الولي الفقيه في صحيفة خليجية حملت تحذيرا مباشرا الى مَن كانوا يتصورون بان العلاقات الايرانية ـ الخليجية بوجود اتفاقيات امنية وتجارية وثقافية و.. بين شطي الخليج، دخلت مسارا، لن يتغير اتجاهه بذهاب زيد ومجيء عمرو.

July 15, 2005 10:53 AM






advertise at nourizadeh . com